هل الصدفة وحدها هي التي
جعلت تسريبات ويكيليكس تسبق بقليل طوفان الثورات العربية المتتالية ؟ و هل الصدفة
وحدها هي التي جعلت الشعوب العربية تتبنى خيار الخروج على الحاكم المستبد كلها دفعة
واحدة وبهذا الإصرار غير المسبوق ؟ ألم
يكن لتسريبات ويكيليكس الدور الأكبر في
نسف جبل الصبر الذي ركنت إلى سفحه الشعوب العربية لعقود ، قبل أن تقرر كلها أن
للصبر حدودا قد تجاوزوها منذ آماد ؟ وهل يجوز بعد ذلك أن نتمسك بتسمية ( تسريبات
ويكيليكس ) بدل تسمية ( خطة ويكيليكس ) ؟ إذ لا يعقل أن يكون ذلك الكم الهائل من الوثائق
قد تسرب في غفلة من ترسانة الأجهزة
الاستخباراتية الأمريكية المدعومة بأحدث الوسائل التكنولوجية ، كما لا يعقل أن
يكون ما تسرب من وثائق هو بالضبط ذلك الذي
يدين الحكام العرب ويعري ولاءهم لأمريكا أمام أعين شعوبهم ، فلماذا مثلا لم تتسرب
وثائق تدين إسرائيل وتكشف مخططاتها الصهيونية الخبيثة والتي من بينها مخطط تهويد
القدس واجتثات تاريخه الإسلامي ؟ وقبلها
المخطط الجهنمي الذي ابتدع أكذوبة المحرقة اليهودية ( الهولوكوست ) وأسس بناءا
عليها شرعية الحق في إقامة دولة صهيونية ؟
لماذا تخصصت الوثائق المسربة في كشف عورات الحكام العرب ؟
منذ ظهور تسريبات
ويكيليكس وأنا على يقين أنها جزء من مخطط طويل المدى يهدف إلى خلق شرق أوسط وشمال
إفريقي جديدين ، عبر نسف الأنظمة القائمة واستبدالها بواقع غير مستقر سمته الفوضى
، واقع يشكل الأرضية المثالية لتمرير كل المشاريع الغربية وفرضها على أرض الواقع ،
مما سيكون فتحا مبينا للسياسة الأمريكية بالدرجة الأولى ، ودون إراقة دم جندي
أمريكي واحد ، ولا إنفاق دولار واحد من ميزانية وزارة الدفاع الأمريكية ، مشروع في
غاية الدهاء ، يصطاد كل العصافير المطلوبة ليس فقط بحجر واحد ولكن : دون حجر حتى ،
فقد تزامنت المعطيات بالشكل الذي يسمح بوضع خطة متكاملة يتم تنفيذها عبر
خطوات متراتبة ، تكون كل واحدة منها
مؤسِّسة لما يليها :
الهدف : خلق أمر واقع
جديد ، مزروع بالآليات المناسبة لخدمة الأهداف الأمريكية ، يكون قابلا للتكيف مع
كل الظروف ، ويمتلك أدوات فاعلة للضغط على النظام الحاكم بما يخدم المصالح
الأمريكية مهما تغير الزمن .
الوسائل : تغيير الأنظمة
الحالية واستبدالها بأنظمة موالية لأمريكا .
آليات التنفيذ : نظرا
للهرم المفرط الذي تتميز به الأنظمة العربية
، وتردي الحالة الاجتماعية للأغلبية الساحقة من الشعوب العربية ، واستعداد
هذه الشعوب لدفع ضريبة الدم من أجل التحرر من الطغاة الذين يحكمونها ، فإنه يكفي
أن يتم تحفيز الأدرينالين الشعبي ، وتغذية
روح الثورة والتمرد ، عبر ما يسمى ( تسريبات ويكيليكس ) التي ستكون بمثابة القطرة التي تفيض الكأس ، و
لكي تبدو العملية عفوية ومعزولة ينبغي التنديد بالموقع ومقاضاة صاحبه بأية تهمة ملفَّقة ، يتم تحت غطائها تهريبه أو
تغيير هويته نهائيا وتغييبه عن الساحة الاعلامية والترويج لإشاعة أنه قد انتهى به الأمر واحدا من نزلاء غوانتانامو مثلا ، حتى صاحب الموقع ينبغي
أن يتم استغلاله دون علمه : تُيسَّر أمامه السبل للحصول على ما سيعتقده كنزا إعلاميا
، ثم يُوفَّر له من يساعده ويشجعه ويوهمه أنه سيأتى بخارقة الدهر المتمثلة في فضح
وثائق غاية في السرية ، وهكذا تأتي ردود أفعاله وتصرفاته بما يخدم الهدف الأصلي :
إظهاره كمهدور دم ومطلوب من العدالة الأمريكية ...أما باقي المهمة فستضمنه الشعوب العربية المسكينة التي ستتحمس
للموضوع بحكم طبيعتها التفاعلية الانفعالية ، واستعدادها الفطري للانخراط في العمل الجماعي ، وسيساعدها في ذلك
تلك الشحنة الهائلة من الغضب والضغط والتي
تراكمت عبر عقود من الكبت الفكري والقمع السياسي ...الخ، وفي غفلة من الشعوب
المتحمسة ، المندفعة في تسونامي من الثورات العارمة ، وعبر مسلسل من الفوضى التي
ستكون بمثابة الغطاء تمرر كل الآليات
السياسية والأدوات الديبلوماسية المطلوبة ، حتى تفوّت على الأنظمة الحاكمة
الجديدة فرصة الرفض أو الموافقة ، بحيث يجد النظام الجديد نفسه مكبلا بالأمر
الواقع وغارقا في وحل مخلفات النظام الحاكم القديم وإفرازات الفترة الإنتقالية .
لقد ثارت عدة شعوب عربية
، ونجح بعضها في إسقاط عرش الطاغية المستبد ، ومع ذلك مازلت أتساءل : من القائد
الحقيقي لهذه الثورات ؟ هل هو لوسانج صاحب موقع
ويكيليكس ؟ أم هو البوعزيزي صاحب الكرامة الأبية ؟ أم أن هذه الثورات هي
صنيع الإدارة الأمريكية المثابرة ، ألم يتنبأ بها أوباما منذ شهر أوت 2010
حتى أنه أصدر مذكرة بعنوان "توجيهات دراسة رئاسية رقم 11"، ذكر فيها وجود "أدلة على تنامي استياء المواطنين من انظمتهم" في منطقة الشرق الأوسط وأخطرالوكالات
الحكومية أن "المنطقة
تدخل مرحلة دقيقة من التغيير"، وان عليهم "إدارة المخاطر الناجمة عن التغيير بالإظهار لشعوب الشرق الأوسط
وشمال إفريقيا محاسن التغيير التدريجي، ولكن الحقيقي، الناتج عن انفتاح سياسي أكبر والتحسن في شؤون الحكم". ؟
وقد قامت " واشنطن بوست " الامريكية بنشر هذه النبوءة لتكتمل فصول
المسرحية ويسدل الستار على وقع تصفيقات أمريكا و
إسرائيل .
هل أنا متشائمة وممن يؤمنون بخرافة
( نظرية المؤامرة ) ؟ هل أجسد نموذج الفرد العربي مهزوز الثقة بالنفس ، الذي إذا
لم يجد النكد أوجده ؟ هل سنستيقظ يوما على تسريبات موقع إلكتروني آخر يفضح فيها
كيف سوَّقت أمريكا فكرة الثورة وكيف جمعت أرباح الصفقة أضعافا مضاعفة أم أن هذه
الثورات هي فعلا فاتحة عهد جديد في البلدان العربية ؟ قد يكون بدوره عهد جيل جديد
من الطغاة ؟ هل أنا متشائمة ؟
ردحذفشركة تنظيف منازل بالقطيف
شركة تنظيف بالقطيف
شركة تنظيف شقق بالقطيف
شركة تنظيف مسابح بالقطيف
شركة صيانة مسابح بالقطيف
شركة تنظيف مسابح بالدمام
شركة كشف تسربات المياه بالجبيل
شركة تسليك مجاري بالجبيل
شركة شفط بيارات بالجبيل
شركة نقل عفش بالجبيل