الخميس، 18 أبريل 2013

الجريمة الكاملة

بقلم : رتيبة بودلال
يقال أنه لا توجد جريمة كاملة ، إذ لابد للمجرم أن يرتكب خطأه القاتل ، الذي يتحول فيما بعد إلى دليل إدانة ، لكن يبدو أن الجريمة الكاملة قد وقعت ، واكتملت فصولها ، وبدأت ثمارها السامة تتفتق عن سموم تفوح ريحها وتمتزج بطعامنا وشرابنا و بالهواء الذي نتنفسه ، جريمة تسمم حياتنا و تحولها إلى كابوس مرعب ، ومادام المجرم الحقيقي زئبقي القوام ينزلق من بين أيدينا كلما حاولنا الظفر به ، فإن الجريمة تظل كاملة إلى أن يثبت العكس .

يقال أنه لا توجد جريمة كاملة ، إذ لابد للمجرم أن يرتكب خطأه القاتل ، الذي يتحول فيما بعد إلى دليل إدانة ، لكن يبدو أن الجريمة الكاملة قد وقعت ، واكتملت فصولها ، وبدأت ثمارها السامة تتفتق عن سموم تفوح ريحها وتمتزج بطعامنا وشرابنا و بالهواء الذي نتنفسه ، جريمة تسمم حياتنا و تحولها إلى كابوس مرعب ، ومادام المجرم الحقيقي زئبقي القوام ينزلق من بين أيدينا كلما حاولنا الظفر به ، فإن الجريمة تظل كاملة إلى أن يثبت العكس .
1 – الزواج هل أصبح فرض كفاية؟
يقول الحق سبحانه وتعالى في الآية 21 من سورة الروم: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) سبحان الله ، لما كانت مسؤولية الحياة شاقة وصعبة ، اقتضت رحمته سبحانه وتعالى بعباده ألاّ يتركهم فرادى ، بل جعلهم أزواجا – ولم يجعلهم ثلاثيات أو رباعيات – بل أزواجا بالضبط ، أي فردين إثنين لا ثالث لهما ، فردين تربطهما أقوى رابطة إنسانية سماها الله ( الميثاق الغليظ ) ، وهي رابطة مبنية على التكامل والتشارك في كل شيء : في الرزق ، في الأولاد ، في المسكن ، وفي كل شيء وذلك في جو من السكينة والمودة والرحمة ، فمن حق أي إنسان إذن أن يكافح ويجتهد من أجل الحصول على ذلك الشريك وتلك المودة والرحمة ، من حقه أن يقاتل من أجل من يراه مناسبا له ، فبأي حق إذن نحكم على الشباب العازب بالحرمان من كل ذلك ، فنبيح للبعض التعدد بلا ضوابط ونحرم البعض الآخر نهائيا؟
2 – وماذا عن عنوسة الذكور؟
قبل سنوات قرأت في الجرائد عن أيام دراسية انعقدت بجامعة جيجل ، شارك فيها أساتذة جامعيون ورجال دين ، ناقشوا خلالها استفحال مشكلة تأخر سن الزواج عند المرأة وارتفاع عدد الفتيات العازبات فوق سن الثلاثين ، واندهشت لذلك الإقتراح الذي اهتدت إليه زمرة العقلاء والمتمثل في تعديل بسيط في قانون الأسرة ، يبيح للرجل أن ينكح ما طاب له من النساء ، مثنى وثلاث ورباع ، وتساءلت حينها عما إذا كان تأخر سن الزواج مشكلا خاصا بالإناث دون الذكور ، ورحت أتخيل كيفية تطبيق ذلك الحل العجيب : الرجال القادرون ، ذوي الأرصدة الضخمة والجيوب المنتفخة سينكحون من النساء ليس فقط أربعة بل إن الواحد منهم كلما أتمهن أربعا طلق أكبرهن واستخلفها بأخرى ، وهكذا حتى نصل إلى زمن تصبح فيه كل الإناث فوق سن العشرين زوجات أو مطلقات ، المهم أن الواحدة منهن تكون قد نالت نصيبها من نعيم الفحولة وبركات الفياغرا ، لتترك بعد ذلك مكانها لأختها العانس .
وتساءلت : وماذا بعد؟ ماذا بعد أن تتزوج كل الفتيات ؟ سيتكون لنا بالمقابل جيش من الشباب الذي لم يستطع الباءة ، يتفرج الواحد منهم بألم وحسرة على فتاة أحلامه وريحانة أيامه وهي تزف إلى غيره ، ثم تصبح أما لطفل ليس منه ، وربما تحولت بعد ذلك إلى أرملة أو مطلقة أو مومس ، فيفقد المسكين قدرته حتى على الحلم ، ليتحول أخيرا إلى مجنون يجوب الشوارع أو – لم لا ينتحر – فإذا لم ينتحر وامتلأت الشوارع بالمجانين ، حق لهؤلاء العقلاء عقد أيام دراسية جديدة للنظر في الأمر وقد تنتهي باقتراح إقامة محرقة جماعية هائلة ( هولوكوست ) يتم فيها التخلص من هؤلاء الشباب ، ولكن هل سيظل شبابنا ينتظر حتى يحدث كل هذا ؟ إنهم شباب وهذا يعني طاقة متفجرة طافحة من الإبداع والقدرة على العطاء ، إنهم شباب أي : إعصار من القوة والإرادة فإلى أين يمضي هذا الشاب بكل الطاقات التي يطفح بها جسمه وعقله وسائر جوارحه وهو يتفرج على عقلاء المجتمع الذين يفترض أن يجافيهم النوم ويعافون الراحة من أجل إيجاد حلول لمشاكله ، فإذا بهم يولمون الولائم ويقيمون العزائم ويشحذون الهمم ويستنفرون كل قواهم من أجل إيجاد مخرج قانوني يبيح لهم اقتسام الغنيمة ؟ إن الإجابة على هذا السؤال لم تعد بحاجة إلى اجتهاد ، إذ يكفي أن نطالع الجرائد اليومية لنجد أخبار شبابنا وهم ينتحرون على عتبة الألفية الثالثة ، شباب لم يجدوا أمامهم سوى الخيارات القاتلة : إما الحرقة ، التي تنتهي غالبا بالموت أو الفشل ، وإما الخروج عن المجتمع والإلتحاق بالجماعات الإرهابية ، وإما السقوط في مستنقع المخدرات والتأهل بذلك لارتكاب كل أنواع الفواحش والكبائر والجرائم ، كاختطاف القصّر و الاعتداء عليهم جنسيا ، وحتى اختطاف البالغين والنيل منهم جنسيا ، ألم نقرأ في الجرائد قبل أشهر عن اختطاف شاب وخطيبته ثم اغتصاب كليهما ؟ فضلا عن اختطاف أطفال ثم قتلهم من أجل رعشة واحدة مستعجلة ، ألم نتساءل عن هوية المختطِف ؟ ولماذا نتساءل إذا كانت الجرائد تقول في كل مرة أنه شاب في العقد الثالث أو الرابع ؟ إنه بالتأكيد واحد من الشباب الذين تأكد لديهم أن الحياة غابة كبيرة تسكنها الديناصورات والتماسيح والزواحف ، وأنهم في تلك الغابة ليسوا سوى جرذانا ، إذا لم تسحقهم أقدام الديناصورات ، ابتلعتهم الأفاعي أو تخطّفتهم أنياب التماسيح ،هؤلاء الشباب رأوا موتهم بأعينهم فتساوت عندهم الأشياء وتميعت ، تماهت ، وأصبح اللون الأسود يحجب عن عيونهم بوارق الأمل ، فوصلوا إلى درجة من فقدان العقل تجعلهم ممن رفع عنهم القلم حتى يعقلون ؟ بل حتى يعقل ولاة الأمور في بلدنا ، فيدركون أن الشباب طاقة خلاقة إذا استثمرنا فيها غنمنا وإذا حاولنا ردمها أو تجاهلها انفجرت فينا ودمرتنا .
حريٌّ بنا إذن بدل مناقشة مشكلة عنوسة الفتيات ، أن نبحث عن طريقة نوفر بها لشبابنا دخلا ماديا قارا يمكنهم من الإنفاق على أسرهم بعد تزويجهم ، نعم تزويجهم بدل صرف الملايير على الكرنفالات العقيمة والمهرجانات المترفة .
إن تشخيص الداء بدقة هو وحده الكفيل بوصف الترياق الفعال ، ووضع ايدينا على أصل المشكلة هو بداية إيجاد حل لها ، أما معالجة مشكلة العنوسة بإباحة التعدد أو بجعله واجبا – كما طالب البعض – فهو يشبه معالجة حرق من الدرجة الثالثة بإجراء تدليك له داخل حمام ساخن ، نعم : فالواقع يقول أن إهمال الآباء لأولادهم هو أول نتائج إعادة الزواج ، وهذا يعني أن الرجل الذي سيحل مشكلة عنوسة فتاة بزواجه منها سيُنتج لنا بالمقابل قبيلة من الأبناء والبنات الذين سيرفع عنهم القلم بسبب الإهمال الأبوي والحرمان العاطفي والمادي ، والنتيجة هي مضاعفة عدد المجرمين والمجانين والعوانس ، وكفى بالواقع برهانا ودليلا ، إذن حل مشكلة عنوسة الفتيات لن يكون إلاّ بتزويج الشباب ، وتوفير العيش الكريم لهم ولأسرهم .
3 – كلمة حق أريد بها باطل :
إن كثرة العوانس لا يعدو كونه حجة جديدة لاستباحة أجساد الفتيات اللواتي تأخر زواجهن ، والدليل على ذلك هو تلك الابتكارات العجيبة لأشكال الزواج ، من زواج المتعة إلى زواج المسيار ، وما أدراك ما المسيار ؟ زواج لادور فيه للرجل إلا دور الذكورة ، ذلك الذي تستطيعه حتى أحقر خلق الله وأضأل مخلوقاته ( الحيوانات والحشرات ..والكائنات المجهرية ...) كأن الفتاة التي تأخر زواجها قد أصيبت بحمى الجنس إلى الدرجة التى تجعلها تتنازل عن كل صفات الرجولة في قرينها وتكتفي منه بدور العشيق الجبان ، الأمر في نظري ليس أكثر من رغبة في اقتسام ما يعتقده هؤلاء غنيمة ، ولو كان هؤلاء يتحرون مرضاة ربهم لتريثوا كثيرا قبل أن يفرحوا برخصة التعدد ، لأن من أخطر المهالك أن يستسهل المرء ما يوافق هواه ويستصعب ما قد يثقل عليه بالمسؤولية ، وحتى لا يكون كلامي مجرد رأي قد يسفهه البعض ، سأحاول الاحتكام إلى سنة سيد الخلق ، الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم – فقد تزوج السيدة خديجة – رضي الله عنها- وهي التي تكبره بخمس عشرة سنة ، فمن يا ترى من دعاة التعدد يقبل بهذا ؟ بل كلهم لا يقصدون سوى الفتيات الصغيرات ، ولا أحد منهم يقصد المرأة الناضجة الحصيفة .
كما تزوج – صلى الله عليه وسلم – : نُسيبة بنت كعب – رضي الله عنها - وكانت عجوزا وكان أبناؤها رجالا ، تكريما وصيانة لها لأنها أرملة شهيد ، فأين بين رجال هذا الزمان من يقصد في معاودة الزواج ذلك المعنى السامي ، المجرد من شهوة الفرج التي وحدها تحرك دعاة التعدد ؟ أين ذلك الشهم الذي يتزوج أرملة شهيد وأم أيتام لينال أجر كفالة اليتيم وأجر تحصين أرملة الشهيد؟
وتزوج – صلى الله عليه وسلم – : زينب بنت جحش – رضي الله عنها - وكانت زوجة لموليه زيد بن حارثة ، ليبطل عادة التبني ، وفي كل زيجاته – صلى الله عليه وسلم – كانت هناك حكمة وغاية فقهية أراد أن يعلمنها بطريقة عملية لتكون سنة لنا بعده ، ولم يتزوج بكرا إلاّ مرة واحدة ، عندما تزوج من السيدة عائشة – رضي الله عنها – وحتى هذا الزواج فيه حكمة جليلة ، فقد جاء بعد وفاة خديجة رضي الله عنها ، ووفاة عمه أبو طالب في عام الحزن ، فأهداه الله فرحة الزواج من بكر ، لعل ذلك يخفف عنه ويعينه على مشقة الرسالة العظيمة التي كلفه الله بها ، أما رجال هذا الزمان فلن يختاروا إلا أبكارا ، غريرات ، وهذا يجعلنا نتساءل : إذا صدر قانون يبيح التعدد ، هل سنقضي على مشكلة العنوسة ؟ أم أن أي رجل سيختار الصغيرة البضة الطرية الطائشة ، ويترك العانس التي من أجلها وُجد قانون التعدد؟ فليتق دعاة إباحة التعدد ربهم وليحاسبوا دواخلهم وطواياهم ، وليختلي كل واحد منهم بنفسه ثم يستحضر رقابة ربه وعظيم بطشه وليسأل نفسه : لماذا يسيل لعابه من أجل فكرة التعدد هل لإرضاء ربه أم لإرضاء شهوة فرجه ؟ وليتّق نارا وقودها الناس والحجارة.
4 - ماذا لو سألناهن؟
هل ترحب الفتاة التي تأخر زواجها بهذا الحل ؟ تصبح زوجة ثانية لرجل ستظل طيلة حياتها تعتبر زواجه منها مجرد خدمة إنسانية و شفقة ، فالمسكين رغم أنه كان يعيش حياة مستقرة مع زوجته وأولاده إلا ّ أنه قبل بالتنازل والتضحية ، فتكرم وتزوجها متحملا أعباء زواج ثان ٍ لمجرد ألاّ يتركها بلا زواج !! هل ستقبل أن تعيش زوجة ثانية لرجل تزوجها فوق الشبع ؟
وعدت أقول لنفسي : وما أدراني ؟ قد يكون الوضع متعفنا إلى درجة التهافت و التسابق والتقاتل ؟ ربما أنا خارج مجال التغطية لذلك أفكر بطريقة تناسبني أنا وحدي و تنتصر لقناعاتي الخاصة ، دار رأسي كثيرا وأنا أتطفل على بعض النساء اللواتي بلغن سنا كبيرة دون زواج ، لمعرفة آرائهن ، وقد تعمدت تجاهل الآراء النظرية التي أدلت بها من لم تتوفر لهن فرصة الزواج من رجل متزوج ، لأن آراء هن قد تُسفّه بقول مأثور واحد (عجز عن قطف العنب فقال إنه حامض) و اخترت عمدا مجموعة تتوفر في عناصرها شروطا محددة :
أ‌- السن فوق الثلاثين ولم يسبق لها الزواج .
ب‌- تقدم لخطبتها رجل متزوج .
ت‌- زوجة هذا الرجل حية وصحتها جيدة ولهما أولاد .
ث‌- لايهم إن كانت قبلت هذا الزواج أم رفضته .
وفوجئت بحقائق لم أتصورها ، رغم بعض الآراء المتوقعة ، فمثلا هناك من :
1- رفضت إعطاء تفسير لقبولها واعتبرت الزواج من أي رجل حقا لأي أمرأة مهما كان متزوجا ومهما كان رأي زوجته الأولى .
2- قبلت الزواج من متزوج لأن ذلك عادي في عائلتها ومعمول به.
3- قبلت الزواج من متزوج لأنه منكوب في زواجه الأول وواثقة من قدرتها على تعويضه وبالتالي تكون هي أهم من الأولى.
4- رفضت إعطاء مبرر لرفضها ، بل ترفض حتى أن تعامل على أنها عانس وفي ورطة ، وتعتبر أن خطبة المتزوج لها إهانة لكرامتها.
5- رفضت الزواج من متزوج لأنها تجاوزت مرحلة الغباء الأنثوي الذي يجعلها تربط عنقها بحبل وتسلمه لرجل يتحكم فيها.
6- رفضت الزواج لأنها بعدما بلغت مرحلة من النضج الفكري والنجاح في الدراسة وفي العمل ، اقتنعت بإمكانية العيش دون مسؤولية الزواج والأمومة الكفيلين بعرقلة مسارها المهني .
7- رفضت الزواج من متزوج لأنها تؤمن أنها على موعد مع فارس أحلام أعزب ، وتفضل الموت على أن تتنازل وتتزوج من صاحب سوابق زواجية.
8- قبلت الزواج من زوج صديقتها الحميمة التي أقنعتها أنها اختارتها لزوجها حتى تضرب عصفورين بحجر : تجنب صديقتها العنوسة من جهة ، وتضمن ألاّ يميل زوجها إلى أخرى لا تعرفها ولا تضمن مودتها من جهة ثانية.
نعم ، كل هذه النماذج حقيقية ، والحصول عليها استهلك مني سنوات ، واضطرني أحيانا إلى الإندماج المتعمد في بعض التعارفات العابرة ، التي تخدم فضولي وتغذي نهم البحث عندي ، ولكن القصة التي صعقتني أكثر هي قصة تلك المرأة التي خطبت لزوجها ثم أقامت له عرسا كما تفعل الأم لوحيدها ، والتي قررت بمحض إرادتها أن تتخلى عن حقها في فراش الزوجية ، بل إنها كلما جاء دورها ليبيت في غرفتها أخذته من يده إلى غرفة عروسه وتمنت لهما ليلة سعيدة وذرية صالحة ، عندما سمعت قصتها قررت أن ألتقيها بأية طريقة ، لكن القدر وضعها أمامي بالصدفة حيث التقيتها في غرفة الانتظار بعيادة طبيب النساء ، كانت برفقة ضرتها الحامل ، وكانت النسوة يتحدثن باستغراب ممزوج بالاستنكار حينا و بالإعجاب حينا آخر، عن المرأة التي زوجته ثم قررت التحول إلى أم له ولعروسه ، تشرف على نظام البيت وتتولى تسيير أموره بل إنهما لا يخطوان خطوة قبل استشارتها والتنور برأيها ، شعرت بغبطة عارمة لأني سأضع عيني في عينها ثم أسألها عن الحكمة التي أشرقت في سماء عقلها وهدتها إلى هذا التصرف ، ولكني كنت أخشى أن تراوغني فلا تصدقني القول ، لذلك قررت مباغتتها بجملة استفزازية : ( أيتها الذكية لقد عرفت ِ كيف تروضينه ، لقد خشيت ِ أن يُدخل عليك ضرة تسحر قلبه وتخطف لبه وتركنك على الرف فتنازلت بمحض إرادتك ، يا للدهاء ) لأكتشف أن المرأة أدهى مما توقعت ، فقد أجابتي بخبث: ( عاند ولا تحسد !! ) لكنني راوغتها مرة أخرى قائلة ( هل تريدين إقناعي أن تنازلك عن زوجك لامرأة أخرى هو صفقة رابحة وأنك تستحقين الحسد عليها ؟ هههههه.... ) فانفجرت المرأة مدافعة عن صفقتها قائلة ( وهل تريدين الإدعاء أن الخضوع اليومي لرغبات الزوج و شطحات شهوته هو الصفقة الرابحة ؟ ألا تمل المرأة من التعروس اليومي وهي التي تعمل بكدِّ العبيد ، وصبر الحمير منذ أولى ساعات النهار ؟ ألا يتحول ذلك إلى عبء ثقيل يتعين عليها التملص منه ؟ لقد تخلصت من ذلى الأنثوي بأقل الخسائر ، فبدل التقصير في حق زوجي و دفعه إلى البحث عن أخرى وتركي من أجلها ، فضلت أن آتيه بتلك الأخرى وأن أمن عليه وعليها بشكل يحفظ لي مكانتي كربة بيت ، لن يتركني ولن أفقد الرفاهية المادية التي يوفرها لي ، على العكس : أنا ربة البيت ، أنا الكل في الكل وليفرح هو بدميته الجديدة كما يشاء !! ولكن بإرادتي وتحت نظري ، أليست صفقة رابحة ؟ تخلصت منه دون أن يدرك ذلك بل لقد نلت كل تقديره وعرفانه ، من مثلي هاه... من منكم مثلي ؟ )
أعترف أنني صعقت لسببين : الأول هو الثقافة الجنسية لهذه المرأة التي جعلتها تعتبر نفسها مجرد مفعول به خلال العلاقة الزوجية ، وهي ثقافة مدمرة شائعة بين كثير من النساء ، والثاني هو رد فعلها المتمثل في : التخلي عن قرينها لأخرى بطريقة تحفظ معها ما يمثله هذا الزوج كمجرد منفق عليها وعلى أولادها ، ورحت أتساءل : رباه ..كم يا ترى عدد اللواتي يكتفين بدور المفعول به ، ولم تكن الواحدة منهن فاعلا يوما ولا مفعولا معه ولا حتى مفعولا لأجله ؟ وكم هو عدد الرجال الذين يعتقد الواحد منهم أن زواجه الثاني برضى الزوجة الأولى دليل حب منها ولا يعرف أنه مؤشر على أن تلك الزوجة قد ملّت منه واستغنت عن خدماته ؟ بل ألا يحق للرجل المتزوج من المرأة ( المفعول به ) أن يبحث عن المرأة ( الفاعل ) ؟
أشعر أنني قد خرجت عن الموضوع ولكني معذورة ، فالأمور متداخلة حقا وليس من السهل فصلها ، لكن أهم نتيجة توصلت إليها بعد سبر الآراء هذا هي أن : ( لا أحد يعرف ما يدور في عقل المرأة التي تأخر زواجها ، ولا حتى امرأة مثلها )
5 – تعددت الأجناس والعنوسة واحدة :
لا فرق في نظري بين عنوسة الذكر وعنوسة الأنثى ، فمهما كان جنس الإنسان يظل بحاجة إلى شقه الثاني ، إلى رفيق درب يتقاسم معه وجع الصبر على مشقة الحياة ، ويتشارك معه أفراحه وآماله ، ويسكن إلى حضنه عندما يحتاج ضمة حنان وتعاطف ، ومهما كان جنس الانسان يظل ظمآنا إلى رشفة مودة ، إلى ضمة ، إلى شمة ، إلى انصهار كامل في الآخر المكمل له ، وإلاَّ تحولت الحياة إلى عبء ثقيل وإلى رحلة مضنية ، إما أن يتحمل هذا الإنسان مرارتها ويصبر ، وإما أن يتحول إلى مجرم أو مجنون ، فهل يجوز لنا أن نحل مشكلة عنوسة البنات ونغفل عن عنوسة البنين ؟ إذن : ألا يعتبر حرمان الشباب مما سماه الله سبحانه وتعالى مودة ورحمة ، جريمة كاملة ؟ ألا يعتبر الحديث عن الفتاة التي تأخر زواجها كما لو أنها مجرد بضاعة كاسدة جريمة كاملة ؟ ألا يعتبر الحديث عن عنوسة البنات دون التطرق لعنوسة الذكور جريمة كاملة؟ ألا يعتبر التقصير في تحصين شبابنا ( بالزواج ) ضد أعاصير الانحراف جريمة كاملة ؟
هاهي الجريمة الكاملة تعربد علنا ، وتستعرض أنيابها ومخالبها دون خجل ، فإلى متى نتغافل عنها ؟ ومن منا سيجرؤ على الإمساك بالمجرم الحقيقي ، ذاك الذي قلت من البداية أنه زئبقي القوام ؟

هناك تعليق واحد:

  1. لديك عقدة إسمها الزواج يا سيدتس عاجي الموضوع بحكمة وليس بحمية وادخلي إلى صميم المشكلة و اتركي التوافه للتافهين فأنت امرأة مثقفة و يجدر بك السمو إلى أعالي الأفكار كمشكلة الأخلاق و التربية في الوسط الأسري و المشاكل الأكثر خطورة عوض الطعن و تشويه صورة الأشخاص و الحقد على الرجال

    ردحذف