الجمعة، 5 أبريل 2013



 لحظات في حضرة البحر...

اللحظة التي تعبرنا ، لا تعود أبدا ، لذلك يكون من الغباء أن نتركها تعبرنا في غفلة منا ، ودون أن نصغي إلى همسها ، إلى السر الذي وجدتْ من أجل البوح به لنا ...
في تلك اللحظة، عندما صافحني البحر، وفتح صدره لي بترحاب ، دنوت منه ، غاصت قدماي في برودة رمله ، تقدمت أكثر فعانقت أمواجه الوديعة نصف جسمي ،دنوت حتى لم أعد أرى شيئا سواه، تغلغلت أنفاسه في رئتي حتى الانتعاش ، شعرت أنني في خلوة مقدسة معه، فاعتزلت العالم ...
البحر ، بشساعة صدره ، ورحابة سمائه ، بنعومة البرودة التي تحملها موجاته  ، بكل عظمته وجبروته احتضنني ، ، قبّل جبيني بحنان ثم راح يدلك كتفيَّ ...في حضرته استسلمت ، خلعت أعبائي ، ومتاعبي ، وكل ضغوط العمل ، وتحولت طفلة...
في لحظات الاسترخاء تلك  ، بدا لي كأن البحر قد تحول طفلا مثلي ، فها هو يلاعبني ببراءة ، يلقي إليَّ بأمواجه المحملة بالقواقع والتحف الصخرية الملونة و الطحالب والزبَد ، تمتد يدي إليها فيسترجعها بسرعة ، ويخيل إليَّ لحظتها أنني أسمع ضحكته المفرقعة ترن في أذني ، مثل ضحكة طفل سجل هدفا في مرمى خصمه ، أقرر الانتقام ، لذلك أتغافل حتى تعاود موجاته ا لارتماء نحوي ، أفرش لها طرف ثوبي مثل شبكة صياد ، وفي اللحظة المناسبة أسحب شبكتي ثم أنفجر ضاحكة ، متعمدة إسماعه فرقعة الضحكة، لكنني أشفق عليه حين أشعر بصمته الخجول ، صمت طفل منكسر القلب ، وحينها أقرر مصالحته ، أفرج عن غنائمي ونضحك معا ضحكة واحدة لذيذة ، مطعمة بنكهة الغبطة ، وفرحة التشارك ...
كانت تلك لحظات من الزمن ، تقاسمتها مع البحر ، ثم ودعته مكرهة ، عندما بدأت شمس مارس تتثاءب بخبث ، معلنة اقتراب موعد خلودها إلى النوم، ودعته على موعد آخر ، وأنا أخبيء له المزيد من الضحكات والوشوشات التي لا تنتهي...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق